أولا : يجب أن ننبه أن تعمد ترك الصلاة هو من كبائر الذنوب وأشدها وعلى من ترك الصلاة عمدا حتي خرج وقتها ولو صلاة واحدة فما بال لو تركها عاما وأعواما! عليه أن يبادر إلى التوبة الصادقة والندم علي ما قصر في حق الله تعالى والعزم على ألا يعود، مع الإصلاح وهو المواظبة علي أداء الصلاة على أوقاتها بكل أركانها وخشوعها وواجباتها . ويبشر بعد ذلك بمغفرة الله تعالى وواسع رحمته وعظيم عفوه قال تعالى (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ) أي يغفر الذنوب جميعا مع التوبة.
وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن التوبة تهدم ما قبلها
وصح عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال (التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) رواه ابن ماجه وحسنه الألباني .
ثانيا : اختلف أهل العلم في الواجب علي من ضيع عمدا صلوات كثيرة سواء علم عددها أو لم يعلم عددها . فذهب جمهور العلماء إلى أن الواجب عليه أن يقضي ما فاته من صلوات ولم يشترط بعضهم الترتيب .
واستدل الجمهور لقولهم بأدلة منها أنه شخص
1- بالغ عاقل مسلم ملتزم لأحكام الإسلام فيجب عليه قضاء الصلاة إذا فوتها كما يجب عليه أداؤها في الوقت
2-وأن النبي صلي الله عليه وسلم أوجب علي من فوتها بعذر بالنوم أو النسيان قضاء ما فاته من الصلاوات فغير المعذور من باب أولى أن يقضيها
3-وقالوا أيضا أنه من تمام توبة العبد أن يقضي ما فاته من الصلوات
وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وبعض أهل العلم إلى أن من ترك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها ليس عليه قضاء ولكن عليه التوبة والإنابة والإصلاح فيما يستقبل من عمره وقال شيخ الإسلام أنه لو صلى ألآف المرات عن الصلاة الماضية التي فوتها عمدا بإختياره لم تنفعه شيئا ولكن عليه أن يحقق التوبة واللجوء إلى الله ويكثر من الإستغفار والنوافل والتوبة تجب ما قبلها وتهدمه .
واستدل لمذهب شيخ الإسلام ابن تيمية بأدلة منها :
1-أن الله فرض الصلاة على المؤمنين ووقتها بوقت محدود لا يصح فعلها قبل وقتها بإجماع العلماء فكذلك إذا صلاه بعد وقتها فقد أخرجها عن وقتها المحدد فما الذي جعلها تصح بعد الوقت ولا تصح قبله مع أن الوقت محدد أوله وآخره .
2- أنه قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ) أخرجه البخاري فمفهوم هذا الحديث أن من أدرك أقل من ركعة فإنه غير مدرك فكيف بمن أخرج الصلاة كلها عن الوقت فإنه غير مدرك لها فلا تنفعه وإذا لم تنفعه فلا فائدة من إلزامه بفعلها .
وأجاب شيخ الإسلام عن أدلة الجمهور أولا بأنه شخص بالغ عاقل ملتزم بأحكام الإسلام قال نعم ولكن إلتزام مقيد بالحدود الشرعية فإذا أتى بالعمل على غير الوجه المشروع لم يكن ملتزما فلا يكون عمله صحيحا وليس هناك دليل علي إلزام الشخص بعمل مردود لا فائدة فيه لأن الصلاة على غير وقتها عمل مردود فقد قال صلي الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )
وأجاب علي الدليل الثاني أنه من تمام توبة العبد أن يأتي بالصلاة التي تركها عمدا قال لا نسلم أن ذلك من تمام التوبة بل تصح توبته وإن لم يقض لأنه فات وقته وقد أخبر تعالي عمن تاب وآمن وعمل صالحا بأنه تعالى يبدل سيئاته حسنات وكان الله غفورا رحيما .
وأيضا أنه مع عدم إلزامه بالقضاء قد يكون أقرب إلى تحقيق توبته وتعاملها لأنه يجد الطريق أمامه للتوبة مفتوحا والطريق سهلا فيتشوق إلىٰ التوبة ويفرح بها ويراها نعمة من الله تعالى علي التائبين . ( وهذا مختصر ما نقله شيخنا الجليل ابن عثيمين في هذه المسألة )
وعليه فأرى أنك بعد الإستغفار والندم على ما فات والإنابة إلى رب كل شيء ومليكه والإحسان فيما يستقبل من محافظة على الصلاة وإيقامها فرضها ونفلها فأسأله سبحانه أن يتقبل منك وأن يبدل ما فاتك حسنات وكان الله غفورا رحيما