تاريخ النشر : 08-05-2021
المشاهدات : 3262
السؤال
أرجو الرد شيختي الجميلة إذا تكرمتِ.
أنا أعلم أنه جائز لمعلم القرءان أن يتخذ أجرًا ماديًا .بس هل هذا ينقص من أجره عند الله ؟
و يكون المعلم الذي لا يأخذ أجر مادي أفضل منه عند الله ؟؟
الاجابة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إلي الأخت الكريمة صاحبة السؤال الجواب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد: اختلف أهل العلم في جواز أخذ الأجر علي تعليم كتاب الله تعالي
قال النووي في كتابه التبيان في آداب حملة القرآن: وأما أخذ الأجرة علي تعليم القرآن فقد اختلف العلماء فيه فحكي الإمام أبو سليمان الخطابي منع أخذ الأجرة عليه عن جماعة من العلماء منهم الزهري وأبو حنيفة وعن جماعة أنه يجوز إن لم يشترطه وهو قول الحسن البصري والشعبي وابن سرين وذهب عطاء ومالك والشافعي وآخرون إلي جوازها إن شارطه واستأجره إجارة صحيحة وقد جاء بالجواز الأحاديث الصحيحة واحتج من منعها بحديث عبادة بن الصامت انه علم رجلا من أهل الصفة القرآن فأهدي له قوسا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن سرك أن تطوق بها طوقا من نار فاقبلها وهو حديث مشهور. 
وأجاب المجوزون علي حديث عبادة  بجوابين أحدهما: أن في إسناده مقال -الحديث صححه الألباني - والثاني انه تبرع بتعليمه فلم يستحق شيئا ثم أهدي إليه علي سبيل العوض فلم يجز له الأخذ بخلاف من يعقد معه إجارة قبل التعليم والله أعلم ) انتهي.
وقال شيخ الإسلام في الفتاوي: تنازع العلماء في أخذ الأجرة علي تعليم القرآن ونحوه علي ثلاثة أقوال في مذهب الإمام أحمد وغيره أعدلها انه يباح للمحتاج. 

وسئل علماء اللجنة الدائمة: ماحكم أخذ الأجرة علي تحفيظ القرآن الكريم للأطفال الصغار وإذا افتيتم بالجواز فهل للمعلم ثواب عند الله بعد أخذه للأجرة الشهرية ؟ فأجابوا: تعلم القرآن الكريم وتعليمه من أفضل القرب إلي الله جل وعلا إذا صلحت النية وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم علي تعلم القرآن وتعليمه بقوله خيركم من تعلم القرآن وعلمه وأخذ معلمي القرآن الأجرة علي تعليمه لا ينافي حصول الثواب والأجر من الله جل وعلا إذا خلصت النية. انتهى.
والآحاديث الصحيحة التي اعتمد عليها المجوزون لأخذ الأجرة أولا: حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه الذي رواه الشيخان مرفوعا إلي النبي وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج رجلا بإمراة وكان تعليمه القرآن للمرأة عوضا عن صداقها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما لم يجد عند الرجل شيئا صداقا ( مهر ) للمرأة قال له: ( قد زوجتكما بما معك من القرآن ) وفي رواية مسلم أن صلي الله عليه وسلم قال ( انطلق فقد زوجتكما فعلمها من القرآن ) 
والحديث الثاني: نار وهو البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا في الرجل الذي أخذ شاة أجرا ليرقي لديغا فرقاه بفاتحة الكتاب وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله ) 
أما أدلة النهي والمنع عن أخذ أجرا علي تعليم القرآن: 
فما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أخذ علي تعليم القرآن قوسا قلده الله قوسا من نار يوم القيامة ) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.
وحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه علم رجلا من أهل الصفة القرآن فأهدي إليه قوسا فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صلي الله عليه وسلم: ( إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها ) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة.  ومع ثبوت أدلة المنع وصحة أدلة الجواز يتبين صحة قول ابن تيمية إن أعدل الأقوال في مسألة أخذ الأجرة علي تعليم القرآن انها تباح للمحتاج. وإن حكم المعلم كحكم ولي اليتيم يجوز له أن يأكل بالمعروف من مال اليتيم إن كان فقيرا ومن كان غنيا فليستعفف.  
وعليه يظهر أن من كان غنيا عن الأجر لتعليم القرآن فلا يأخذ الأجرة وليستعفف، ومن كان محتاجا أخلص النية لله في تعليم القرآن وأخذ ما يكفي حاجته.

logo